أرشيف

قصيدة “نفسي” إحدى روائع الشعر السياسي للشاعر عبد الله عبد الوهاب التي لم تنشر بعد، وتنفرد المستقلة بنشرها. نــفسي

  لما أحس بأن في أرضي جمال

لما أرى أن ليس في وطني لممقوت مجال

وأرى بأن الخير قد قتل الأفاعي والصِّلال

وأرى الهداية فيه قد حفرت مدافن للضلال

لما أرى أن الثعالب قد رجعن إلى الوحال

والمهملات به تخاف السحق من وطء النعال

قنعت بمأواها وما عادت تطل من السلال

وأرى بأن الماقتين الخير قد شدوا الرحال

والقادمون من الرحال إليه عادوا للرحال

لما أرى الأفواه قد لفظت به لجم البغال

وأواجه الكلمات لا تجد المخافة أن تقال

لما أشاهد في وطني وفي أرضي رجال

لما أرى وطني به يعلو الزئير على السعال

لما أرى الرعشات زالت والرجولة لاتزال

وأرى به ركب الفحول وقد نشطن من العقال

وأرى به الساحات زاخرة بقامات طوال

سئمت حميتها وفيها الخوف مات من الهزال

لما أرى كلمي وأحرفها تطول.. ولا تطال

وأرى بأن الصدق مرهوب الجوانب لا يُنال

وأرى بأن الحق يؤخذ دون ذل أو سؤال

لما أحس بأن في وطني رجال

لما أرى الإنسان قدساً لا يهان ولا يذال

وأرى كرامته تسير بلا سقوط وابتذال

سيتيه بي حسي وأعلو فوق أجنحة الخيال

وتطير بي نفسي وتنزلني بقمات الجبال

لأرى على الرحبات من دمهم على الرحبات سال

لأرى أبي

وأرى أخي

بين الذين تسربلوا معهم سرابيل الجلال

وأتوا بها فوق الرؤوس

ومشوا بها تحت الشموس

مغسولة بدم تطيب منه خضر التلال

وتذره السنوات عطراً في السنابل والغلال

لأرى به الشبان متكئين في فيء الظلال

 يتأملون رمال الفيافي تدثر بالزوال

خيراً يضم حنانه قلب الجنوب إلى الشمال

لما أرى هذا سألبس كل أجنحة الخيال

وأطير مرتفعاً وأنزل فوق هامات الجبال

لأقول شعري

شعر وجداني.. كأروع ما يقال

يمشي على الدنيا يقول بأن في أرضي جمال

ويقول إني قد كبرت

وأن في وطني رجال

زر الذهاب إلى الأعلى